الفكر التربوي في مجال التدريب مادة معرفية واسعة تلتقي عندها ركائز الكفايات الذاتية والموضوعية اللازمة لبناء الشخصية المتوازنة اثناء الاعداد للمهنة والتدريب بعد الالتحاق بالمهنة ، والاطلاع على انماط وآفاق النشاطات التدريبية التربوية يشكل أحد اهم متطلبات التجديد والإبداع وإلابتكار...واليكم مثلا هذه المقالة الممتعة لأحد الأخوة.
د.عبدالمجيد حميد ثامر الكبيسي
لبرامج التدريب التربوي المقننة أثر كبير في النمو المهني للمعلمين يظهر في مجالات ثلاثة هي: الاتجاهات والمعلومات والمهارات وما تعكسه من تغيرعلى مستوى الأداءنحو الأفضل. وهنا قد يسأل سائل: ألا يغني التعليم العالي والإعداد الجيد للمعلم قبل تعيينه عن برامج التدريب على رأس العمل؟
والجواب القاطع الذي يجمع عليه التربويون أن برنامج الإعداد لا يغني عن التدريب التربوي مهما بلغت درجته أو اتسع مداه لأن برنامج الإعداد للتعليم وبرنامج التدريب وإن التقيا في مجالات العمل في المعلومات والمهارات والاتجاهات إلا أن التعليم يكتفي بمجرد تقديم المعلومات بينما يركز التدريب على توظيفها وتطبيقها، إضافة إلى أن الاتجاهات والمعلومات والمهارات متطورة ومتجددة مما يتيح للمتدرب مواكبة كل جديد وهو على رأس عمله خلافًا للتعليم الذي ترتبط معلوماته بتاريخ نقلها .وقد أظهرت الدراسات أن الجانبين المهاري والسلوكي في العمل يشكلان أساس النجاح، ويتفوقان على الجانب المعرفي، ففي دراسة لمؤسسة « كارينجي للتكنولوجيا» شملت عشرة آلاف موظف تبين أن 15% فقط من نسبة النجاح يعزى إلى المعارف التي تلقوها، بينما 85% من نسبة النجاح يعزى إلى السلوك والتعامل مع الآخرين المكتسب بالتدريب والخبرة.وفي دراسة أخرى أجراها «ألبرت إدوارد ويجام» على أربعة آلاف شخص فقدوا وظائفهم تبين أن ما نسبته 10% منهم خسروا وظائفهم بسبب عدم قدرتهم على إنجاز العمل تقريبًا، بينما 90% منهم فقدوا وظائفهم بسبب ضعف سلوكياتهم المهنية ومهارات الاتصال لديهم .وقد أكد الباحثون في الأدب التربوي في مجال التدريب التربوي وتأثيره في النمو المهني للمعلم على آثار جمة من أهمها:
ـ النمو الذاتي للمعلم
يعد النمو الذاتي أساسًا للنمو المهني للمعلم، وبالتدريب التربوي يمكن تحقيق هذه المهارة عند المعلم الذي يحقق من خلالها:ـ الاطلاع على الجديد في العملية التربوية وفي مجالاتها المختلفة.
ـ الارتقاء بمستوى الأداء المهني.
ـ تكوين الاتجاهات الإيجابية نحو التعلم. ـ التغير الإيجابي في الاتجاهات للتدريب التربوي أثر مهم آخر في النمو المهني للمعلم، لأنه يؤدي إلى إحداث التغيير الإيجابي في اتجاهات المعلمين نحو العملية التعليمية التعلمية ويظهر هذا التغير بما يأتي:
ـ زيادة إقبال المعلمين على البرامج التدريبية وحرصهم على المشاركة الفاعلة فيها.ـ ارتفاع درجة حماسة المعلمين في العمل مما يكون له أثر طيب في مستوى الأداء ونوعية المخرجات.
ـ تلبية الحاجات التدريبيةتأتي الحاجة الملحة للتدريب التربوي عند ظهور الحاجات التدريبية، إذ يتوقع من التدريب التربوي أن يلبي هذه الحاجات بالبرامج التدريبية المكثفة أو الموزعة والمتصلة بعمل المعلمين، ونتيجة لاشتراك المعلمين في هذه البرامج والدورات التدريبية ينمو المعلم مهنيًا في الكفايات العامة والكفايات والمهارات المتعلقة بتخصصه ولاسيما إذا جاءت هذه البرامج ملبية لحاجات المعلم الفعلية. ـ بناء العلاقات الاجتماعية الإيجابية بين المعلمين
يرتكز التدريب التربوي على كثير من النشاطات التدريبية التي تعتمد على العمل التعاوني مما يؤدي إلى إتاحة الفرص المتنوعة لالتقاء المتدربين وحصول كثير من الحوارات والمناقشات لإتمام الإنجازات المطلوبة من مجموعات المعلمين، مما يؤدي بالتالي إلى تنامي هذه العلاقات الاجتماعية فيما بينهم لتقوى هذه العلاقات بالمعززات التي يؤديها المدرب ليوجهها كي تخدم العمل التدريبي وتنمي فيهم الروح التعاونية لتسهم أخيرًا بشكل فاعل ومؤثر في تنمية هؤلاء المعلمين مهنيًا. ـ التجديد والتجدد في المعارف والمهاراتمن خلال مشاركة المعلمين في برامج ودورات تدريبية يطلع المعلمون على كل جديد في الفكر وعلى أهم الدراسات التجريبية التطبيقية التي من شأنها أن تطور عملهم الميداني وتحدث التغيير المنشود ، فتزداد معارفهم ويرتفع مستوى قدراتهم في تطبيقهم للمهارات، وترتفع درجة إتقانهم لعملهم مما يكون له الأثر الكبير في نموهم المهني في المجالات المختلفة.ـ الإصلاح النوعي في التعليمتسعى كثير من الدول إلى الإصلاح النوعي في التعليم لما لذلك من أهمية في تطوير وجودة نوعية المخرجات في النظام التعليمي، ولكي يتحقق ذلك فإنه لا بد من إحداث التغيير في أمور عدة أهمها: المنهاج والكتاب المدرسي والتجهيزات والتقنيات الحديثة والأهم في هذا المجال هو المعلم الذي يقوم بعملية التنفيذ والتأثير في نوعية المخرجات. وحتى نضمن تميز النوعية في التعليم ومخرجاته لا بد من إعداد المعلم قبل الخدمة وتدريبه على رأس العمل كي يتحقق بالتالي نمو المعلم مهنيًا في جميع الجوانب: معارفه ومهاراته واتجاهاته. ـ قبول المعلمين للتحدي في التطوير التربويوهذه مرحلة متقدمة يحدثها التدريب التربوي لدى شاغلي الوظائف التعليمية وعندما يرتقي نموهم المهني إلى مستوى عال في الإتقان والفاعلية، عندها تظهر إبداعات المعلم وتزداد مقدرته على مواجهة المشكلات التي تعترض تطويره، ومن مظاهر هذا التحدي في التطوير التربوي ما يأتي:
ـ تعزيز الانتماء والعمل في المجال على أنه رسالة وليس وظيفة لكسب المعيشة.
ـ الحرص على العمل وبذل أقصى الجهد دون كلل أو ملل.
ـ الإصرار على حل ما يواجهه من صعوبات ومشكلات في أثناء العمل.ـ الأفكار الإبداعية التطويرية سمة بارزة في عمله.
ـ التعاون مع زملائه وإثارة دافعيتهم وحماستهم للعمل والمثابرة.تطلعات مستقبلية لدور التدريب التربوي في النمو المهني للمعلمإن تنمية المعارف والمهارات هي عملية نمائية متطورة لا تقف عند حدود المكان والزمان، وفي كل مرحلة يعاد النظر في البرامج التدريبية التي تعمل على تنمية هذه المعارف والمهارات بهدف الاستفادة من معطيات التغذية الراجعة، وإعادة رفد المدخلات بأفكار إبداعية جديدة تعمل على حيوية النظام وتفاعلاته، وهنا لا بد من النظر دائمًا إلى الأجود في تطوير برامج التدريب حتى تنعكس إيجابيًا على المعلم من حيث تنمية مهاراته وقدراته وتطوير أساليب وطرائق التدريس التي تجعل من الطالب محور عملية التعليم. ولذا يمكن طرح هذه الأفكار والتطلعات التي من خلالها ستعمل بإذن الله على تطوير نظام التدريب وانعكاساته الإيجابية على النمو المهني للمعلم:أولاً: التدريب القائم على الكفايات إن بناء قائمة الكفايات الواجب على المعلم إتقانها تعد دليل عمل للقائمين على تخطيط وتصميم البرامج التدريبية، وتعد مجالات ومحاور للأنشطة التدريبية التي تحتويها الحقائب التدريبية، ومن هنا يكون محتوى البرامج التعليمية مخططاً له ومبرمجًا بحيث يحتوي على المهارات الرئيسة والفرعية مرتبة من الأصول إلى الفروع ومن الكليات إلى الجزئيات شاملة لجوانب المعرفة والمهارات والقيم والاتجاهات. ويؤمل أن تكون برامجنا المستقبلية بمشيئة الله تعالى قائمة على منحى الكفايات بعيدًا عن الاجتهادات والتكرار في عدد البرامج مع التوجه نحو التركيز على الجانب النوعي فيها، والعمل على التوازن بين الكم والنوع حتى نستطيع تقويمها والاستفادة من نتائج التقويم في تطوير البرامج مستقبلاً بإذن الله .ثانيًا: التنويع في أساليب التدريب من المعلوم أن من أحد الأسباب المنفرة للمعلمين من الإقبال على التدريب هو اعتماد البرامج التدريبية في غالبيتها على الأسلوب التقليدي في التدريب وبخاصة المحاضرة كأسلوب وحيد، وهذا يعد استمرارًا لما تعلمه المعلمون في الدراسة الجامعية، إذ إن أغلب المقررات الدراسية في الجامعات تعتمد على الجانب النظري ربما يكون في الغالب أحد أسبابها هو افتقار أعضاء هيئة التدريس للأساليب المتنوعة في التدريب.
من هذا المنطلق تقوم الوزارة جاهدة بتصميم البرامج النوعية في تنمية مهارات المدربين بالداخل والخارج، إذ عمدت إلى تطوير برامجها ليس فقط في محتوياتها ولكن في مجال التنويع والتطوير والتكامل في الأساليب التدريبية، حتى ينعكس ذلك إيجابًا في سلوك المدربين وبالتالي في أداء المعلمين داخل الفصل.إن عملية التنويع والتطوير في الأساليب التدريبية هي عملية متنامية ومتسارعة وبخاصة ما نشهده من تطور في التقنية، ولذلك يؤمل الاستفادة من المبتكرات الحديثة خصوصًا في مجال الحاسب الآلي واستخداماته ليس في الشكل فقط وإنما في تطوير البرامج التدريبية التي يمكن الاستفادة من مخرجاتها في استخدام المعلم للتقنيات الحديثة في أساليب وطرائق التدريس وبالتالي يجعل من التعليم متعة يقبل عليها الطالب بشغف وجدية وتجعل من البيئة الصفية مخبرًا ومشغلاً يتفاعل فيه الطالب والمعلم .
ثالثًا: المدربونيعد المدرب عنصرًا رئيسًا من عناصر نظام التدريب، وبالتالي تعد عملية الاختيار لهذه الفئة من العمليات التي تحتاج إلى مراجعة مستمرة بحسب التطور في صناعة التدريب، فكثير من البرامج التدريبية يعزى النجاح فيها أو الفشل إلى سلوك المدرب داخل ورشة العمل وقدراته وعلاقاته بالمتدربين، فتطوير آلية عمل لاختيار المدربين وتأهيلهم لتشكيل كادر وطني مدرب سينعكس إيجابًا على أداء المعلم سواء أكان من خلال تفاعله ببرامج التدريب والإقبال عليها أو الاستفادة من محتويات هذه البرامج ومحاولة نقل أثرها إلى داخل الفصل .
رابعًا: النظرة الشمولية للتدريبإن النظرة للتربية نظرة شمولية، يعني أن المدخلات في النظام التربوي تعمل وفق منهجية محددة الأهداف يسعى النظام التربوي إلى تحقيقها من خلال عمليات متفاعلة بين الأجهزة والأقسام، ومن هنا يعد التدريب نظامًا فرعيًا مهمًا من النظام التربوي ويعتمد في أدائه على التعاون والتنسيق بين الإدارات المختلفة في أجهزة الوزارة والأقسام في الميدان، ولا يمكن أن يؤدي دوره إلا إذا عملت باقي الأنظمة ضمن خطط واستراتيجيات واضحة وبتنسيق بين هذه الأنظمة حتى لا يتشتت الجهد والهدر في الوقت والكلفة.لذلك نرى أن التعاون والتنسيق بين الأجهزة يتيحان الفرصة للإدارة العامة للتدريب التربوي والابتعاث إقرار البرامج وتنفيذها وبالتالي متابعتها، ويعد عنصر المتابعة من أهم العناصر في تفعيل نظام التدريب وانعكاساته على البيئة التعليمية.أما إذا ما عملت باقي الأقسام والإدارات كأنظمة فرعية منفصلة فإنه يصعب التعرف على نواتجها لصعوبة متابعة عمليات كل نظام وبالتالي يصعب ترجمة الأهداف المدخلة في هذه الأنظمة إلى نواتج عملية مرغوب فيها.
خامسًا: الحوافز المعنوية والمادية في التدريب التربويالعمل على توفير الحوافز المعنوية والمادية الممكنة للمشاركين في التدريب من أجل حفزهم على الاستمرار في المشاركة وزيادة حرصهم على الإقبال على التدريب التربوي لاحقًا، ويمكن أن يتم ذلك من خلال ما يأتي:- توثيق البرامج التدريبية التي شارك فيها المتدرب من خلال سجل خاص بالنمو الوظيفي والمهني يدون به معلومات وافية عن البرامج التدريبية التي شارك فيها المتدرب، ويلحق ذلك بملفه. - التنويع في البرامج التدريبية المقدمة وفق الحاجات الفعلية المبنية على التحديد الدقيق للاحتياجات التدريبية بأساليب التدريب المختلفة.- اعتماد البرامج التدريبية التي شارك فيها المتدرب في المفاضلة في الحالات الآتية:
ـ تنقلات المعلمين الداخلية والخارجية.
ـ الترشيح لأي عمل قيادي ( وكيل ـ مدير ـ مشرف تربوي ).
ـ الترشيح لبرامج تدريبية متقدمة.
ـ التفرغ للدراسة للحصول على درجة البكالوريوس أو مؤهلات علمية عليا.ـ الترشيح للابتعاث للدراسة في الخارج .
ـ الترشيح لمنح تدريبية في الداخل والخارج.
ـ الترشيح للإيفاد للعمل فب الخارج .
ـ الإعارات خارج الوزارة، وغيرها من الفرص السانحة.
- تفعيل نظام الحصول على درجة إضافية عن طريق تراكم ساعات التدريب للبرامج المعتمدة من لجنة تدريب وابتعاث موظفي الخدمة المدنية بوزارة الخدمة المدنية.
- تطبيق ما تكلفه لائحة التدريب من مكافآت واستحقاقات مالية.
التوصيات: يمكن تقديم التوصيات الآتية لدعم جهود التدريب في تطوير أداء المعلمأولاً: دعم جهود الإدارة العامة للتدريب التربوي والابتعاث في انتقاء مجموعة متميزة من اختصاصي التدريب التربوي، كي يشكلوا نواة فريق تدريب وطني والحفاظ عليهم للاستمرار في مراكزهم .ثانيًا: دعم الجهود في مجال التعلم الذاتي للمعلم وتزويده بكل المستجدات من خلال ربط إدارات التعليم بقواعد المعلومات والمستجدات في برامج التدريب. ثالثًا: توحيد الجهود التدريبية بين الأقسام كافة في الإدارات العامة في المركز والميدان مع الإدارة العامة للتدريب التربوي والابتعاث توفيرًا للجهد والوقت ووفرة في الكلفة والمال.
رابعًا: مساندة الإدارة العامة للتدريب التربوي في توصيف الوظائف التعليمية والإدارية وتحديد الكفايات اللازمة لهم، حتى يسهل ترجمتها إلى برامج تدريبية وفق الحاجات.خامسًا: توحيد الجهود التدريبية في الميدان والتنسيق مع مراكز التدريب، حتى يسهل توفير البيانات والمعلومات وتوفير التغذية الراجعة، ليتسنى للإدارة العامة المتابعة والتقويم.سادسًا: أن تقوم إدارات التعليم بتوفير بطاقة نمو مهني لكل معلم، وبناء عليها تصمم خطة للكفايات اللازم توافرها في كل معلم ومدى قربها أو بعدها من العمل الذي يقوم به، أو المهام المستقبلية التي يمكن أن تسند إليه .
سابعًا: دعم إنشاء مركز وطني لتدريب القيادات التربوية لإتاحة الفرصة لهم لتجديد معلوماتهم وتطوير مهاراتهم القيادية وتبادل المعلومات والخبرات ومناقشة المشكلات والاطلاع المنظم على بحوث ودراسات مستجدة تساعدهم على تطوير أدائهم.ثامنًا: دعم ميزانية التدريب التربوي والابتعاث على مستوى الجهاز ليتسنى له مواصلة جهوده في تطوير برامج التدريب والتأهيل والابتعاث وإحداث النقلة النوعية في مخرجات العملية التدريبية.
تاسعًا: دعم مخصصات التدريب التربوي وتعزيزها لتوفير ما تحتاجه من تجهيزات وتقنيات وخصوصًا في مجال الحاسب الآلي. عاشرًا: تعزيز التوجه للتدريب عن بعد من خلال شبكة الإنترنت والفيديو والتلفاز وغيرها.
من الرابط الآتي : www.almarefh.org/news.php?action=show&id=2590
عنوان ورقة العمل:
أثر التدريب التربوي في النمو المهني للمعلم