الأحد، 21 أغسطس 2011

أ.أنيس محيي محمد : التعلم الإتقاني




                                                                       




التعلم الإتقاني







بقلم المشرف التربوي
 الاستاذ أنيس محيي محمد شريف العبدلي
ماجستير في طرائق تدريس اللغة العربية












                                                                           التعلم الإتقاني 


 (ملخص مبحث)






         يتضمن هذا المبحث خلفية نظرية عن تعلم الإتقان وأصوله في أدبيات التعلم كما يتضمن المفاهيم التي لها علاقة  بالإستراتيجية المقترحة المعتمدة عليه.                                                
     التعلم الاتقاني نظرية في التعلم إضافة إلى كونه نمط من أنماط التعلم ينفذ في غرفة الصف يعتمد فكرة " تزويد المتعلمين بوحدات تعليمية  لها أهداف محددة مسبقاً ولا يسمح للمتعلم بالانتقال من مرحلة إلى أخرى إلا بعد إتقانه للوحدة السابقة، وإذا لم يتمكن المتعلم من الوصول إلى  المستوى المطلوب تعد له مادة أو مواد علاجية تساعد في الوصول إلى هذا المستوى من التمكن" .                                                                                                  ( الهويدي, 2005 ,ص137 )       
   ويعد هذا النوع من التعلم من المفاهيم الحديثة التي ظهرت في القرن العشرين على يد (ديوي وبلوم وكارول وهواردسلفان ونورمان هنجر وغيرهم )، ورغم أن جذوره التاريخية تمتد إلى أبعد من ذلك بكثير فقد أشارت مصادر الفكر التربوي العربي الإسلامي إلى وجود منهج يشبه التعلم الاتقاني ولعل أوضح ما ذكر عنه قد تناوله (ابن خلدون) في مقدمته .
      ويعد الشيخ برهان الإسلام الزرنوجي تلميذ صاحب الهداية ( ت 652 هـ) أول من كتب بشكل متخصص في التعليم كتابا منفرداً ،وقد أوضح فيها آراءه المستقاة من المفكرين والفلاسفة الذين عاصروه أو سبقوه ، والتي تمثل أساس التعلم الإتقاني :
اخدم العـــلم خدمة المستفيد          وادم درسه بفعل حميـــــــــــد
وإذا مـــــا حفظت شيئا أعده           ثم أكده غاية التأكيــــــــــــــد
ثم علقــــــــــه كي تعود إليه           والى درسه على التــــــأبيـد
فإذا مـــــــا أمنت فـــــــــواتا           فانتدب بعده بشيء جديــــــد
مع تكرار مــــــــــا تقدم منه           واقتنــــاء لثانٍ هذا لمزيـــد
ذاكر النــــاس بالعلوم لتحيى          لا تكن من أولي الندى ببعيد
إن كتمت العلوم أنسيت حتى          لا ترى غير جـــــاهل وبليــد
ثم ألجمــت في القيامة نــارا          وتــــلهبت في العذاب الشديد                              
 ( الزرنوجي ، المخطوطة ،نسخة الأزهر الشريف، الفصل السادس)
     لقد أوصى( القابسي ,324هـ - 403هـ) المعلم بإثارة دافعية المتعلم، وإعطائه حقه من الوقت الكافي، والعناية اللازمة للتحصيل، وألا ينتقل المتعلم من صورة من صور التعلم إلى صورة أخرى إلا بعد أن يتقنها.( طارق واحمد 2001 ص230) ش
   جاء في( كتاب إحياء علوم الدين للإمام الغزالي) : على المعلم أن يراعي التدرج في ترقية المتعلم من رتبة إلى أخرى ومراعاة قدرات المتعلم العقلية، وان لا يثقل عليه  ، كما وأوصى المتعلم بان لا يخوض في علم حتى يتقن العلم الذي قبله، وقد صنف( الإمام الغزالي) العلوم بحيث تعلم بعضها يكون طريقا لتعلم البعض الآخر .( الغزالي، ب .ت،ص27 )
      وإذا فرغ الشيخ من شرح الدرس فلا باس من طرح مسائل تتعلق بالدرس على الطلبة ليمتحن بها فهمهم، وضبطهم لما شرح لهم، فمن ظهر استحكام فهمه له بتكرار الإصابة في جوابه شكره، ومن لم يفهمه تلطف في إعادته له.(حسن,1985، 291 )
     يرى (ابن خلدون 732-808هـ) أن التعلم يكون مفيدا إذا كان على التدريج شيئا فشيئا ويقرب للمتعلم شرح العلوم على سبيل الإجمال ويراعى في ذلك قوة عقله واستعداده لقبول ما يرد عليه حتى ينتهي إلى آخر الفن، ويرى أن العلوم تعلم بالتلقين للمتعلمين ويحصل في ثلاث تكرارات وعلى المتعلم أن يكون مستعداً لقبول التكرارات ومستعدا  لفهمها فان قبول العلم والاستعداد لفهمه تنشأ تدريجياً.                                                                                   (ابن خلدون،ب ت، ص533-534)
    إنَّ الأسس النظرية الأولى لإتقان التعلم موجودة عند العرب وهي كما في مصطلحات التربية الحديثة  كالأتي:-
1-   تحليل المحتوى (أن يعطى المتعلم العلم شيئاً فشيئاً وقليلاً قليلاً كما يرى ابن خلدون).
2-   تحديد الأهداف (إن تعلم بعض العلوم  يكون طريقا لتعلم بعضها الآخر) وهو ما نعني به انتقال أثر التدريب .
3-   إثارة دافعية المتعلم كما يرى(القابسي) وإعطاؤه الوقت الكافي للتعلم والعناية اللازمة للتحصيل .
4-   إعطاء أهمية للاختبارات كما يرى الغزالي .
5-   استعمال أسلوب التعزيز الايجابي مع المتعلمين كما يرى الغزالي  .
6-   استعمال التغذية الراجعة(Feed back) من خلال التكرار لثلاث مرات كما يرى ابن خلدون وكما يرى الغزالي في التلطف بإعادة المادة على المتعلم .
7-   عدم الانتقال من مادة إلى أخرى إلا بعد إتقان المادة الأولى (لا يخوض في علم حتى يتقن العلم الذي قبله).(الغزالي ب.ت,ص27)
      لقد اعتمد الشيوخ وأصحاب الكتاتيب منهجاً قريباً من إستراتيجية إتقان التعلم في تدريسهم، فقد كان يعطى للطالب وظيفة تعليمة فيواظب على حفظها، فإذا تحقق المدرس من حفظ الطالب عين له مهمة جديدة، وإلا فانه يطلب منه المزيد من الحفظ للواجب القديم، مع تكليف الذين أتقنوا الحفظ  بمساعدة زملائهم غير المتقنين, ويتضح من هذا الكلام الأخير أن مبدأ التعاون يساند المدرس في إتقان طلابه لدروسهم .(مرسي وسعيد، 1972ص227، 229)
    نضيف إلى ذلك أن فكرة التعلم الاتقاني محط أنظار المدارس المسيحية في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر ومنهم (هربرت) صاحب الطريقة الإستقرائية والمعتمدة في تدريس قواعد اللغة العربية لدى الباحث.            (فاطمة، 1992،ص117 ) 
  في أوائل القرن العشرين جاءت (خطة ونتكا Winnetka planلكارلتون واشبورونgarlton washbarne)عام 1922م، الذي حاول من خلالها رفع مستوى تحصيل الطلبة من حيث  الوقت وبناء الاختبارات التكوينية وقد أعقبت هذه المحاولة محاولة هنري موريسون henry Morrison 1926م.(القحطاني، ب . ت، ص3)
    بعد ذلك تعرضت فكرة التعلم الاتقاني للإهمال، وسبب ذلك عدم إمكان التوصل إلى إستراتيجية فاعلة في التعلم الاتقاني.(محمد،1988،ص 301)
    في عام 1961قدمت نظرية كانيهGange  تنظيم التعلم بشكل هرمي وأكدت على أن إتقان المهمة التعليمية الأولى يعد ضروريا لإتقان تعلم المهمة التالية. (الساكني 2000 ص 48)
     ينظر (كانيه) إلى التعلم باعتباره الأساس في عملية ترتيب الظروف والشروط التي تيسر التعلم، ويهتم المدرس بربط الظروف الداخلية للمتعلم مع العوامل الخارجية أو الكيفية التي يتم بـها عرض المادة الدراسية وترتيب المواد الدراسية وأنواع التغذية المرتدة. (الازيرجاوي، 1991 ص338)
   إنَّ نموذج (كارول Carool  1963 ) للتعلم المدرسي كونت عناصره الأولية المتغيرات الأساسية لإستراتيجية بلوم لإتقان التعلم. (أبو زينة،1994ص129) 
   يرى كارول أن درجة تعلم الطالب تتوقف على عوامل داخلية ترتبط بخصائص المتعلم،وهي الاستعداد لنوع معين من التعلم،والقدرة على فهم التعليم والمثابرة والأخرى خارجية ترتبط بالموقف التعليمي وفرصة التعلم ونوعية التعلم. (نادية،1991،ص 338  )
    لقد ربط (كارول) العوامل الخمسة الآتية المؤثرة في التعلم بمتغير الوقت والاستعداد لنوع  معين من التعلم، فالاختلافات بين الطلبة في التعلم ما هي إلا اختلافٌ في كمية الوقت المستغرق للتعلم  ، وكما يلي :- (أبو زينة 1994 ص129 )
1-   المثابرة :وهو الوقت الذي يكون فيه المتعلم متهيئاً لان يقضيه في تعلم مهمة معينة مرتبطاً بالمتغيرات الانفعالية للمتعلم.(أبو زينة 1994  ص130)
2-   القدرة على فهم التعليم : ويقصد بها قدرة المتعلم على فهم طبيعة المهنة التي سيتعلمها. (نادية، 1991،ص85)
3-   فرصة التعليم : وهو الوقت الذي يخصص لتعليم محتوى معين. (أبو زينة 1994، ص132)              
4-   نوع التعليم :كلما كان نوع التعليم أفضل وأجود كلما قل الزمن الذي  يحتاجه المتعلم للوصول  إلى الحد الأقصى من التعلم.
  هذه هي العناصر التي تمثل إستراتيجية إتقان التعلم عند (كارول) أي العوامل التي تتوقف عليها درجة الإتقان، وقد قام( بلوم في سنة 1968)بتحويل أنموذج (كارول) ألمفاهيمي إلى إستراتيجية إتقان التعلم فأوضح انه إذا قدم لمجموعة من الطلبة محتوى معين وتعرضوا للتعليم من حيث النوعية والوقت المسموح به للتعلم فأن عدداً قليلاً من الطلبة سوف يصلون إلى مستوى عال من التحصيل. أما إذا أعطى كل منهم فرصته كاملة من التعلم وذلك بجعل نوعية التعلم والزمن المسموح به لاستكمال التعلم مناسباً لخصائص الطلبة وحاجاتهم فأنه من المتوقع إن يصل معظم الطلبة وربما حوالي (95%) منهم إلى مستوى عال من التحصيل    (نادية 1991،ص135) ، كما إن نتائج وحدة تعليمية تعزى إلى السلوك المعرفي والخصائص الانفعالية للمتعلم التي اكتسبها عند تعلمه للوحدات السابقة،لذا كان ضرورياً ضمان إتقان كل وحدة قبل الانتقال إلى غيرها، كما يرى(بلوم) أن الوقت الذي يقضيه المتعلم في التعلم يتأثر بالسلوك الإدراكي للطالب وخصائصه الانفعالية . ويقصد بالسلوك الإدراكي المدخلات المعرفية الضرورية لانجاز مهمات التعلم أما  الخصائص الانفعالية فهي الميول والاتجاهات،والانفعال والتحصيل أمران متلازمان. (المحرزي،2003ص 36 )
                                                 خصائص نوعية التعلم :
1- الرموز والتلميحات, وتشير إلى وضوح عرض الأنشطة التعليمية وتغيرها .
2-   التعزيز ويشير إلى استعمال الثواب والمديح والتأنيب والعقاب والتي تساعد في المحافظة على التعلم .
3        التغذية الراجعة ممثلة في الاختبارات التكوينية في نهاية كل وحدة .
4-العلاج ويقصد به معالجة قصور التعلم عند الطالب وإمداده بالمعلومات التي يحتاجها قبل انتقاله إلى وحدة تدريب جديدة. (صيداوي،1986ص261)، أما أهداف هذه الإستراتيجية فهيٍ: -    1-توفير الوقت الكافي للتعلم .2-استعمال طرائق التدريس المناسبة. 3- تقديم المساعدة  للمتعلم عند الحاجة إليها .4- تحديد الأهداف المراد تحقيقها مع تحديد مستوى الإتقان. (الهويدي، 2005ص138) ، ويتم هذا التعلم وفق ثلاث مراحل أساسية: 1- مرحلة الإعداد: وتتضمن تقسيم المحتوى إلى وحدات صغيرة ذات أهداف سلوكية وإعداد دليل للدراسة مع  أكثر من نموذج للاختبارات النهائية، وإجراء التقويم التشخيصي والاختبارات القبلية لتحديد مستوى كل طالب ونقطة البداية في عملية التعلم لتوحيد الخبرات السابقة للموضوع المطلوب تعلمه .
2- مرحلة التعلم الفعلي :وتتضمن هذه المرحلة دراسة المادة العلمية لكل وحدة واستيعابها، ولا  يتم الانتقال من وحدة إلى أخرى إلا بعد إتقان الوحدة السابقة .
3- مرحلة التحقق من إتقان التعلم : تهدف إلى التأكد من تحقيق كل الأهداف المحددة لكل وحدة دراسية أو للمقرر وبدرجة من الإتقان، وتتضمن إجراء التقويم الختامي لكل وحدة، ويتم تصحيح الاختبار ويعلم المتعلم بنتيجته ومن لم يصل إلى درجة الإتقان تقدم له التغذية الراجعة أما من حقق الإتقان فينقل إلى المرحلة التي تليها. (المحرزي .2003 ص36-37)
أهمية التعلم الاتقاني
      تتضح أهمية التعلم الاتقاني من خلال الإجابة على السؤال التالي : ماذا كان المتعلم قبل التعلم وماذا أصبح؟ وما هو التغيير الذي أحدثه المعلم في سلوك المتعلم ؟، لقد سعت مجموعة من النظريات والنماذج التربوية إلى الإجابة عن هذا السؤال ومنها:
أنموذج التعلم من اجل الكفاية ( لهوارد سلفان،نورمان هنجر ).2 -أنموذج التعلم من اجل التمكن أوالتعلم الاتقاني (لكارول – بلوم). 3 - نماذج التعلم العلاجي . 4 - نماذج تعلم المهارات . 5 - أنموذج التدريس بالتقويم التكويني .
         هذه النماذج تشترك في المبادئ التي تؤمن بان الطلاب جميعهم يمكنهم التساوي في التحصيل وتهدف الوصول بالمتعلمين جميعا إلى درجة عالية من الإتقان وجميعها  نماذج لتدريس المهارات والكفايات .(القحطاني، ب . ت، ص1)
       نرى _ بتواضع _ أن التعلم يكون جيدا ومفيدا إذا ضمن انتقال اثر التدريب، لذا فان إتقان المفاهيم الأساسية والقواعد والحقائق تشكل أساساً لهذا الانتقال .
  المبدأ في التعليم: يمكن أن يتشابه جميع المتعلمين في إتقان  المادة المقدمة لهم من المدرسة إذا وفرنا لهم الظروف المناسبة للتعلم،و نستطيع أن نصل بهم إلى درجة عالية من الإتقان إذا :  -  1 - وحدنا معارفهم القبلية اللازمة للتعلم الجديد .2 - رفعنا درجة الحافزية للتعلم عند الجميع . 3 - نوعنا طرائق التدريس والتدريب بما يلائم جميع الطلاب .4 - أعطينا كل طالب ما يكفيه من الوقت للتعلم والإتقان (القحطاني، ب.ت ص9)، ويعتمد نموذج التعلم الاتقاني على تعليم المهارات والكفايات التي يمكن ملاحظتها وقياسها . وقد صمم بلوم نموذجه الاتقاني للتعلم كما في المخطط الأتي:- 
                           

                                     انموذج بلوم للتعلم الاتقاني(القحطاني، ب. ت ص9،10)







  لقد استهدفنا تصميم إستراتيجية تجمع بين التعلم التعاوني والتعلم الاتقاني أي أن الإتقان يحدد مبدأ التعلم ويتم تنفيذه من خلال إستراتيجية التعلم التعاوني .                
   النموذج المقترح لإستراتيجية  التعلم التعاوني الاتقاني :
      بعد أن اطلعنا على الأدبيات التي تخص التعلم التعاوني،  والأدبيات التي تخص التعلم الاتقاني وأسسها الفلسفية في نظريات التعلم الحديثة ، وما نشر عن هذين النوعين من الدراسات، قام   الباحث بالمزاوجة بينهما ليقدم نمطاً جديداً يعتقد الباحث انه سيقدم حلاً لإشكالية إجادة التعلم وعدم نسيان  المتعلم ما تعلمه والاستفادة من هذا التعلم في التعلم اللاحق أي بما يتضمن انتقال اثر التدريب
     إن الغرض من التعلم التعاوني هو استثارة القوى الكامنة لدى المتعلمين في الوصول إلى التعلم الأمثل (جونسون وجونسون، ف12، ص2) من خلال تعاون أفراد المجموعة وانتقال التعلم بين أعضائها والاستفادة من طريقة التفكير ونمط التعلم من هذا الشخص لذلك وصولا إلى الهدف المطلوب، لذا فقد وضع منظرو التعلم التعاوني أساسيات تدفع بالمتعلم أن يقدم كل ما لديه لزميله في المجموعة وأن رغبته الذاتية  ومصلحته الشخصية تحقق من خلال  تبادل الآراء والأفكار ورفع مستوى التحصيل.فالمتعلمون في التعلم التعاوني كالراكبين في السفينة أما أنْ يغرقوا معاً وأما  أنْ ينجوا معاً.(جونسون وجونسون هولبك،1995،ف12، ص2)                        

وما على المعلم سوى تفعيل هذا المبدأ من خلال ما يقدمه للمجموعة من توجيهات وأنشطة ووسائل مساعدة لتحقيق التعلم .لقد أضافنا إلى هذه الفكرة التي تجعل المتعلم نشطاً في تحصيل التعلم فكرة الإتقان للمادة التي يجري تعلمها، وتأسيساً على ذلك كان لا بد من تناول محتوى المادة العلمية بالتحليل الدقيق وإخضاع هذه المادة إلى أهداف سلوكية تستوجب من الدارس حفظها وفهمها وإتقانها وجعلها قابلة للتطبيق والاستعمال في التعلم اللاحق . وقد رتبنا خطوات العمل في إستراتيجية التعلم التعاوني الاتقاني بشكل متسلسل ومترابط ليسهل عملية التعلم والإتقان ويسير على خطواتها المعلم والمتعلم كل حسب الواجب المناط به ، وتمر الإستراتيجية المقترحة بمجموعة من الخطوات لتؤدي غايتها المنشودة وقد حاولنا أن نجعل هذه الخطوات سهلة ومرنة وقابلة للتطبيق من قبل المعلم والمتعلم وقد زاوجنا فيها بين التعلم التعاوني و الاتقاني وإعداد البرنامج العلاجي لرفع مستوى الإتقان وكما يلي:
أولا- التحضير والإعداد: إن الدرس الذي يقوم  الباحث بتدريسه هو مادة قواعد اللغة العربية وينصب جهد المعلم والمتعلم فيه على اشتقاق المادة النحوية وفهم معناها والتطبيق عليها وقد اختار الباحث طريقة (هربرت) العالم النفسي الألماني (الاستقرائية)والتي نشرت في أوربا في أواسط القرن التاسع عشر وما بعده وهي تعني بفكرة (تداعي المعاني)، بالإفادة من المعلومات السابقة .   (الهاشمي،1972ص213 )  ولا يخفى على المطلع أن اللجنة التي وضعت منهج قواعد اللغة العربية من الصف الخامس الابتدائي إلى السادس الإعدادي قد عنيت بهذه الفكرة وصممت اغلب موضوعات النحو (عدا الصرف) على طريقة الإطارات وهو ما ينسجم مع الطريقة الاستقرائية ،وتسير طريقة (هربرت) وفقاً للخطوات الآتية:-
1 - التمهيد بتحديد الغرض الخاص من الدرس . 2 - عرض موضوع النص والأمثلة  المستقاة منه .3 - الربط والموازنة والتداعي والمقارنة من الأمثلة . 4- التعميم واستنتاج القاعدة وصياغة الحكم .5 - التطبيق والتثبت من صحة القاعدة داخل الصف وحل التمرينات.
     إن طريقة استنتاج القاعدة تجري في الصف ويتوصل إليها الطلاب من  خلال عملية الربط  والموازنة والتعميم .لقد وجدنا  أن أغلب الموضوعات الموجودة والتي درست في التجربة كان قد درسها الطلاب في المرحلة الابتدائية،وبشكل مبسط، كما أن العرض (شرح الموضوعات في الكتاب) يسير على نفس خطوات الطريقة الاستقرائية لذا رأى الباحث أن يقوم الطلاب أنفسهم بعملية استنتاج القاعدة وإعطاء الأمثلة عليها .وأن يعطيهم درساً خاصاً بكيفية العمل من هذا الصنف ومن خلال المجموعة.
ثانياً: تحليل المحتوى :   لقد قمنا بتحويل الدرس إلى أجزاء صغيرة والتي بمجموعها تكون القاعدة ويصوغها على شكل أهداف سلوكية بحيث لا يترك جزئية من الموضوع إلا ويتناولها بهدف سلوكي، وتوضع هذه الأهداف على ظهر ورقة النشاط .
 ثالثا: ورقة النشاط :  تم إعداد ورقة النشاط وهي ورقة بعدد المجموعات التعليمية تقسم كتقسيم السبورة في الأعلى يكتب فيها اسم الدرس واليوم والتاريخ ويترك حقل اسم المجموعة ورقمها فارغا وتقسم الأسطر في الأسفل إلى ثلاثة أعمدة العمود الأول يكون للأمثلة ويقوم الباحث بملئها وهي أمثلة الكتاب مرتبة حسب تسلسل استنتاج القاعدة وفروعها، وقد يضيف المدرس  أمثلة خارجية لغرض زيادة الإيضاح وتسهيل الاشتقاق وتوضع خطوط تحت الكلمات التي تعني القاعدة بها . ورقة النشاط هذه توزع إثناء الحصة وتكتب المجموعات عليها ويقوم المدرس بتصحيح  هذه الأوراق ويضع عليها درجة موحدة لكل مجموعة .
 رابعا : ورقة الاختبار الأول: يصمم الباحث اختباراً يكون من الاختبارات الموضوعية شاملاً لكل أجزاء القاعدة ويقيس مستوى إتقان المتعلمين سواء بحفظ القاعدة أو التطبيق عليها .
خامسا: البرنامج العلاجي : يتوقع المدرس من طلابه أخطاءهم وغالباً ما تكون في الموضوعات الجديدة أي الموضوعات المضافة إلى الخبرة السابقة .يقوم المدرس بتهيئة أمثلة إضافية وشرح مبسط للفقرات غير المتقنة التي وجدها في الاختبار الأول السريع وعندما يناقشهم بها يتوقع منهم إتقان الجزء المفقود عند ذاك يطرح عليهم أسئلة الاختبار الاتقاني الثاني .
سادسا: الاختبار الاتقاني الثاني:وهو شبيه بالاختبار الأول ولكن الفرق فيه أن التركيز يكون على الأخطاء المتوقع حدوثها لدى طلابه.      كل هذه الإجراءات يهيؤها المعلم قبل الدرس مضيفاً إليها أية وسيلة تعليمية ممكنة كحسن تنظيم السبورة والطباشير الملون أو بطاقات تحتوي نشاطات وما إليها من الوسائل التعليمية .
خطوات تنفيذ خطة إستراتيجية التعلم التعاوني الاتقاني المقترحة
1 - التمهيد وتحسين الخبرة. 2 - إثارة الدافعية. 3 - تقديم ورقة النشاط والإشراف على عمل المجموعات في استنتاج القاعدة .
4 - سحب أوراق النشاط،ثم شرح المدرس للدرس وكتابة القاعدة. 5 - الاختبار الأول السريع. 6 - الوقوف على الأخطاء .
7 - علاج الأخطاء. 8 - الاختبار الثاني. 9 - طلب حل التمرينات، وتتم متابعة غير المتقنين خلال حل التمرينات.
      لقد اختبرت الإستراتيجية بواسطة وسائل إحصائية متعددة ونفذت على طلاب الصف الأول المتوسط للعام الدراسي 2007/ 2008 ، وبمادة قواعد اللغة العربية بمحافظة الأنبار وأوضحت نتائج الاختبار التائي لعينتين مستقلتين تفوق المجموعة التجريبية  ( 4.77 ) على المجموعة الضابطة ، وأوصى باعتماد هذه الاسترتيجية.  
بعض مصادر ابحث:
1- ابن خلدون، عبد الرحمن ، مقدمة الجزء الأول من ديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر ، (ب ت) ، مصر ، القاهرة ، المكتبة التجارية الكبرى .                                                                          2 - أبو زينة، فريد كامل ، مناهج الرياضيات وتدريسها ، ط 1 ، مكتبة الفلاح للنشر والتوزي ، الكويت ،1994 م .          
3 -  الازيرجاوي، فاضل محسن ، أسس علم النفس التربوي ، دار الكتب للطباعة والنشر الموصل العراق  ، 1991م .                                                                                                                                 4 -  جونسون وجونسون وهولبك ، ديفد جونسون وروجر جونسون وأديث جونسون وهولبك ، التعلُّم التعاوني، ترجمة مدارس الظهران الأهلية ، المملكة العربية السعودية ، 1995م .                                                                                5-    حسن, إبراهيم عبد العال ، فن التعليم عند بدر الدين بن جماعة ، الرياض ، مكتب التربية العربي لدول الخليج ، 1985م .                                                                                                           6 -  الزرنوجي ،برهان الدين ، المخطوطة تعليم المتعلم طريق التعلم - ، نسخة الأزهر الشريف ، منشورة على مكتبة المصطفى الإلكترونية - الإنترنت .                                                       
7 - الساكني ، سهاد فرج حماد ، أنموذج تعليمي لإتقان فن النحت البارز لطلبة قسم التربية الفنية، (رسالة ماجستير غير منشورة )  جامعة بغداد ، بغداد ، 2000م .                                                                                                                   8 -  صيداوي، أحمد ، قابلية التعلم ، ط 2 ، بيروت ، الدراسات التربوية ، معهد الإنماء العربي ، 1986 م .                                                    9 - طارق ،عبد أحمد ، وأحمد محمد مخلف ، الفكر التربوي عند الغزالي والقابسي ، مجلة كلية التربية / الجامعة المستنصرية ، العدد 8 ، ص ص 274 – 294 ، 2001 م .                                                                                                        10 - الغزالي، أبو حامد محمد ، إحياء علوم الدين ، ( ب .ت ) ، جـ 1 ، بيروت دار المعرفة للطباعة والنشر.                                11 -  فاطمة ابراهيم حميد ، التعلم للإتقان وأثره على تحصيل الطالبات في مادة الجغرافية في المرحلة الثانوية ، دراسات تربوية الجزء ، 46 ، 1992م .                                                                                                                    12 - المحرزي، عبدالله عباس مهدي عبدالله ، أثر إستخدام ثلاث طرق علاجية في إطار إستراتيجية إتقان التعلم على تحصيل طلاب المرحلة الأساسية في مادة الرياضيات ( رسالة دكتوراه غير منشورة ) ، جامعة بغداد ، كلية التربية / ابن الهيثم ، بغداد ، 2003 م .                                       
13 -  محمد ، داود ماهر، ومجيد مهدي محمد ، أساسيات في طرائق التدريس العامة ، مطابع دار الحكمة للطباعة والنشر ، وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ، بغداد ، 1991 م .                                                                                                    14 -   مرسي ، سعد ، وسعيد اسماعيل ، تاريخ التربية والتعليم ، القاهرة ، عالم الكتب ، 1972 م .                             15 -  نادية عبد العظيم محمد، الإحتياجات الفردية للتلاميذ وإتقان التعلم ، الرياض ، دار المريخ ، 1991 م .                                           16 -  الهاشمي، عابد توفيق ، الموجه العملي لمدرسي اللغة العربية ، بغداد ، 1972 م .                                                     17 -   الهويدي ، زيد ، التدريس الفعال ، جامعة المنوفية ، القاهرة ، 2005 م .                                                                                                                                            

                                         

أ. أنيس محيي محمد شريف العبدلي

ماجستير في طرائق تدريس اللغة العربية
( الاشراف التربوي / قضاء هيت)





                                                                                              

            

هناك تعليق واحد:

Unknown يقول...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شكراً لك أخي محيي الدين عن هذه اللمحة القيمة عن التعلم الأتقاني والذي أسميه "إتقان التعلم".
أريد أن أسأل حضرتك إن كان لديك معرفة بعناوين كتب حديثة باللغة العربية أو أي لغة أجنبية بعد سنة 2000) حول الموضوع.
أشكركم مرة أخرى وبارك الله فيكم.
عنواني هو: alkhalify@gmail.com

10 شباط، 2013 3:00 م